انتي وبس

أنا أنثى .. (عقدة تفضيل الذكور عن الإناث من قلب الواقع)

عندما كنت طفلة… كنت أسترق السمع على صديقات أمي أثناء تجمُعها مع صديقاتها، وكعادتي كنت أستطيع قراءة المشاعر من خلال أحاديثهن الغير مفهومة في ذلك الوقت، فكانوا يضعن خاتم في سلسلة ذهبية رقيقة وتمسك واحدة منهن أطراف السلسلة دون أن تحرك يدها، بحيث يصبح الخاتم مؤشر فوق يد سيدة أخرى، فإذا تحركت السلسلة بشكل دائري ستنجب السيدة التي فوق يدها السلسلة بنت، وإذا تحركت السلسلة ذهاباً وإياباً بشكل مستقيم ستحظى بولد.

ولكن ليست اللعبة بحد ذاتها هي التي جذبتني، بل ردة فعل صديقات أمي على اللعبة، فمن ستنجب ولد “حسب خرافة السلسلة” يبدأ وجهها بالضحك وعيناها تلمعان من السعادة، ولكن إذا أخبرتها السلسلة بقدون أنثى تطلب إعادة اللعبة وإعطاءها محاولة أخرى علها تكسب. وأنا في ذلك الوقت لم أكن أدرك معادلة الربح والخسارة في هذه اللعبة.

ومن ثم مرت الأيام وكبرتُ كثيراً ، تزوجت وبُشرت بطفلتي “ريتا”، وعندما التقيت جدتي سألتني ما سأنجب؟ فعندما أخبرتها أن ريتا من ستأتي، عبست وقالت “إن شالله ستنجبين مولود ذكر”، وما خطر ببالي حينها أن جدتي تشفق على ريتا، لمعرفتها بمسؤولية الإناث الكبيرة التي تقع عليهن، لكن بعد مرور لأيام وبعدما أنجبت طفلتي الثانية “جوليا” تأكدت أن المجتمع من يضعنا في هذه الخانة، لا أنكر حجم رغبتي بإنجاب طفل ذكر، وعندما علمت أنني حامل بأنثى للمرة الثانية لم تتشكل مشاعر رفض تجاهها ولم تتشكل مشاعر فرح، ولكن عندما شاهدتها وقعت بحبها وبعد مرور سنة ونصف أقول أن “جوليا” هي أجمل شيء في منزلنا، لكن بدأت أتساءل هل الجدات الرافضات للمواليد الإناث كانوا ذكور في صغرهن؟ هل نسين أنهن ولدوا إناث؟ أم هن ضحية مجتمع عنصري؟ وفي حال هن الضحية لما تحولن إلى الجلاد لهذا الحد؟

لا أرغب بالبحث عن الأجوبة الآن وراء هذه العقدة، ولكن أقول للمجتمع الذي يميز بين ذكر وأنثى، دعونا فرحين بما نحن فيه… فنحن لا نفرح عندما يقول لنا أحد زينوا بناتكم بالصبيان. لأن بناتنا هن زينتنا الأبدية والدائمة. فدعونا فرحين بهن، نرتشف أملنا من ضحكتهن، نبني قوتنا لأجلهن، نتعثر ونتعب ومن ثم نقف ونعاود الركض لعيونهن. فنحن سعداء بهن، مكتفين وشاكرين الله لوجودهن كما هن. ونعدكن بأن تبقين الهدف الجميل الرقيق الأول والأخير لنا.  ولتبقين أنتن زينتنا، فدعونا فرحين بما نحن فيه ولا تحدثونا بكلام الجاهلين وتقدمون لنا دعوات خاطئة.

أما لأمهات وأباء البنات أقول، علموا بناتكن القوة، علموهن أن هن سند أنفسهن في الحياة، أصنعوا منهن سيدات واثقات من أنفسهن، أغمروهن بحبكم، وأخبروهن طوال الوقت كم أنتم فخورين بهن، علموهن أن إحترامهن من الجميع فرض عين على الكون بأكمله، علموهن أن التنازل عن أحلامهن هو تخاذل تراجع، ربوا بناتكن على القوة الداخلية، ومن ثم شاهدوا نجاحاتهن.

 

Niveen Qadadha

نيفين قدادحة ، متزوجة وأم لريتا و جوليا ، انهيت ماجستير في تخصص علم النفس المجتمعي، وعندي اهتمام بمواقع التواصل الاجتماعي واثرها على المستخدمين، انضممت لسالوبيت لأبين للجميع كإمرأة فلسطينية أن الزواج والبيت والأطفال لن يمنعوكي عن تحقيق النجاح في حياتكِ..
قد يعجبك أيضا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى