طفلي يكبر

كيف تتعامل أسر ذوي الاحتياجات الخاصة مع أطفالهم؟

مع انضمام طفل جديد للأسرة، تتغير حياة الأسر كليًا، فتبدأ الأسرة سلسلة من التنازلات بدايًة من التخلي عن خروجات الأصدقاء والسفر وصولًا إلي مرحلة التأقلم مع المسؤوليات الجديدة والالتزامات المالية؛ مما يشكل ضغطًا نفسيًا نحو تنشئة الأطفال، فما بالك بإنجاب طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة؟

فبالطبع استقبال خبر قدوم طفل ذوي الاحتياجات الخاصة أمرًا أشد تأثيرًا و وطأة و يمثل تحديات أكبر.

فما هي التضحيات التي يقدمها أسر ذوي الاحتياجات الخاصة؟ وما هي التحديات التي تنتظرهم؟!

ولادة طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة تشير إلى ضرورة خوض تجربة جديدة و فريدة للأسرة بدايًة من ولادته وتلقي الخبر، مرورًا بتشخيص حالته و طريقة التعامل معه طوال سنوات حياته و مواجهة المجتمع.

وبالطبع فإن أسر ذوي الاحتياجات الخاصة هما بحاجة دائمًا إلى الدعم والمساندة والمؤازرة لتخفيف الأعباء والضغوط التي تقع على عاتقهم، والتي بلا شك قد تنعكس إنعكاسًا إيجابياً أو سلبيًا على استمتاع الطفل بحياته لتمكنه من تخطي كافة الحواجز والصعوبات التي تحول بينه وبين التعامل مع المجتمع.

 

أسر ذوي الاحتياجات الخاصة بحاجة إلى احتياجات خاصة

إذا كانت الأم لطفل طبيعي تعاني من بعض الضغوطات النفسية نتيجة لكثرة المسؤوليات التي تقع على عاتقها، فإن أسر الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة يعانون أضعاف مضاعفة من تلك الضغوطات والمسئوليات… وإذا لم يتجاوز الآباء تلك المحنة وحالة الصدمة تلك لن يتمكنوا من رعاية هذا الطفل كما ينبغي، فالطفل ذو الاحتياجات الخاصة يحتاج إلى رعاية معنوية ونفسية؛ ولكي يحظى بتلك الرعاية ينبغي على الأهل أن يتمتعوا بحالة نفسية جيدة تمكنهم من التعامل مع طفلهم وأداء دورهم كما ينبغي.

دور الأهل في تكوين شخصية طفل ذوي الاحتياجات الخاصة

 

هل يؤثر دور الأسرة على تكوين شخصية طفلهم ذو الاحتياجات الخاصة؟

بالطبع، فللبيت دور كبير في تكوين شخصية الطفل ذو الاحتياجات الخاصة، فالأسرة هي مصدر ثقته بنفسه وقبوله لذاته. فإن لم يكن لدى الأهل الوعي الكافي بحالة طفلهم وكيفية التعامل معه والإيمان بقدراته فسيزداد الأمر سوءًا وتقل فرص اندماج الطفل في الحياة الاجتماعية مع من حوله؛ حيث تنبع أغلب صعوبات الاندماج بالحياة من الأسرة بينما تختفي فرص انعزاله عن العالم كلما زادت ثقته بنفسه.

ما الذي يحتاجه الطفل ذو الاحتياجات الخاصة من أسرته؟

كما ذكرنا أن للأسرة دور وعامل أساسي لحماية الطفل ذو الاحتياجات الخاصة ورعايته وتنشئته وتكوين شخصيته، ولن يتم ذلك إلا من خلال الآتي:

  • مد يد التحفيز والدعم الكامل من جانب الأسرة والأشخاص المحيطين:
    بمعنى يشمل كل معاني الاحتواء والتقبل وعدم إشعاره بأنه عالة على من حوله أو على مجتمعه حتى لا يفقد الثقة بنفسه لتكون بمثابة اللبنة الأساسية لتعايش الطفل مع المجتمع؛ وذلك من خلال الإيمان بقدرات طفلك وتشجيعه على إنجازاته حتى لو كانت بسيطة، فإن لم تؤمن بقدراته وإمكانياته فمن سيقوم بذلك؟
  • تعليم الطفل الاستقلالية والاعتماد على النفس في الأمور البسيطة:
    ساهم في إنخراط طفلك في المجتمع وإكسابه مهارات التواصل والتعامل مع الآخرين بكل ثقة وكيف يتعامل مع النقد الذي قد يتعرض له طفلك، واحرص على مشاركة طفلك الفعالة في الأسرة، من خلال مشاركته في بعض قرارات الأسرة وإعطاءه قدرًأ من الحرية في اتخاذ قراراته مع مد يد العون له بإبداء النصيحة وتوجيهه فقط دون إجباره على شيء.
  • تجنب مقارنة طفلك بغيره:
    يجب على الأهل الانتباه إلى عدم مقارنة أطفالهم بغيرهم حتى لا يتسبب ذلك في هدم ثقته بنفسه، فيختلف كل طفل عن الآخر، فلكل طفل مهاراته وسماته الشخصية التى تميزه عن غيره.
  • تنمية الثبات الانفعالي لدى الطفل ذو الاحتياجات الخاصة:
    ليتمكن من مواجهة نقد المجتمع الذي ربما يتعرض له بسبب إعاقته، وذلك لتحصين طفلك ضد التنمر المجتمعي.

أسر ذوي الاحتياجات الخاصة

 

ما الذي يميز آباء وأمهات الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة عن غيرهم ؟ وماذا يحتاج هؤلاء الأهل ؟! وكيف يعينهم من حولهم على تحقيق مبتغاهم؟

1- الوقت:

يحتاج أهل الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة إلي تنظيم الوقت؛ فيجد معظم الأهل صعوبة في توفير الوقت اللازم لأداء المهام المطلوبة منهم.. ما بين جلسات العلاج الطبيعي وجلسات التخاطب وتنمية المهارات، وبين العمل صباحًا وزيارات الطبيب، ورعاية الأطفال الآخرين من الأخوة، فنتيجة لكل ذلك يتعرض الأهل للضغط النفسي لذا يجب تنظيم الوقت قدر الإمكان، وضرورة تقسيم المهام على الوالدين، وتوفير الوقت للقيام ببعض الأشياء التي تخفف من حدة الضغط النفسي لديهم، ووضع قائمة بالمهام حتى لا يطغى شيئًا على حساب الآخر.

2- الطاقة

لا يحتاج الأهل فقط إلى الوقت، فبالإضافة إلى احتياجهم للوقت فهم بحاجة إلى الطاقة، فعندما يصبح الأهل منهكين من التعب ومن أداء المهام الشاقة، فحتما سينهاروا سريعًا ما بين الذهاب إلى العمل وأداء المهام المطلوبة منهم.

ولذلك يحتاج أسر ذوي الاحتياجات الخاصة إلى تجنب التوتر والقلق الذي قد يستنفذ طاقتهم، إضافًة إلى أنهم بحاجة دائمة إلى تجديد نشاطهم للتمكن من مزاولة الحياة بشكل عام لرعاية أطفالهم من ذوي الاحتياجات الخاصة.

3– المال

نحن نعلم أن رعاية طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة يحتاج إلى المال حتي يسهل على الأهل تحمل العناء؛ فقد يحتاج الطفل إلى جليسة أطفال صباحًا أثناء ذهاب الأهل إلى العمل، وقد يحتاج إلى جلسات علاج طبيعى، وجلسات تخاطب وتنمية مهارات وأدوية وما إلى ذلك. لذا يتوجب على الأهل تخصيص ميزانية للطفل وترشيد استهلاكهم قدر المستطاع.

4-يحتاج الأهل إلي صديق لديه طفل طبيعي

على عكس ما يتوقعه الآخرون، فيظن بعض الآباء أن عليك أن تحيط نفسك بآباء أطفال ذوي احتياجات خاصة فقط، ولكن لم يكن الأمر صواب على الإطلاق؛ فيحتاج أسر ذوي الاحتياجات الخاصة إلى عقد صداقات مع أهالي أطفال طبيعين سواء من محيط أصدقائك ومعارفك أو جيرانك ومن حولك.

فمن الطبيعي وبدون عمد أن تحاط بأهالي أطفال لحالات مشابهة لحالة طفلك بحكم الظروف والتجمع في جلسات التخاطب والعلاج الطبيعي، ولكنك أيضًا تحتاج أن تعيش حياة طبيعية وتكون صداقات مع أطفال طبيبعين لك ولطفلك.

5- قد يحتاج الأهل إلي جليسة أطفال ليلًا.

قد يحتاج  الأهل إلى جليسة أطفال أمينة ليلًا أو نهارا – بحسب ظروف عملهم – ذات خبرة ومتخصصة وعلى علم بحالة الطفل جيدًا، وإذا كنت ترفض فكرة جليسة الأطفال فمن الممكن توكيل أحد أفراد أسرتك بهذا.

فعلى سبيل المثال إذا كانت الزوجة تعمل فيمكنها أن تعمل بنصف دوام، أو أن تستعين بجدة الطفل.

6- يحتاج  الأهل إلى الطمأنينة

إذا كان لطفلك احتياجات خاصة، فمن الطبيعي أن تكون قضيت فترة طويلة في إلقاء اللوم على نفسك وعلى اختياراتك، وتبدأ في التساؤل: هل أصبت الاختيار الطبي لطفلك؟ وهل ما تفعله سيحسن من فرصة طفلك في التطور والتأقلم مع من حوله؟ أم هناك المزيد لتفعله ولم تفعله؟

ولأنه لن يستطيع أحد بما فيهم طبيب طفلك أن يخبرك بما سيحمله المستقبل لك ولطفلك، فستحتاج إلى الطمأنينة وإلى دفعة من الطاقة الإيجابية حينما تشعر بالتوتر والقلق حيال خياراتك وحيال مستقبل طفلك!، وقد تستمد تلك الطمأنينة من شريك حياتك أو من أحد أصدقائك المقربين أو أقاربك.. فحاول أن تحافظ على تلك الطاقة المستمدة منهم.

7- يحتاج الأهل إلى مكان للتنفيس عن الضغوطات.

لن يكترث زملائك في العمل أن نتيجة التحليل الأخير لطفلك ليست بخير ، و لن يدرِ أحدًا عن حيرتك ما بين الأطباء وآرائهم المتضاربة! فستحتاج إلى مكان للتنفيس عن طاقتك السلبية والتخلص من ضغوطات الحياة.. فابحث عن ما يسعدك وافعله على سبيل المثال مارس بعض الرياضة أو السباحة أو المشي… التحق بدورة يومية أو أسبوعية لتتعلم شيئَا جديدًا..

8- يحتاج الأهل  إلى ممارسة الرياضة

ممارسة الرياضة!! نعم، لا تندهش فنحن نعلم أن آباء الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة يعانون ضيق الوقت وأن ساعات اليوم الواحد غير كافية بالنسبة لهم، بل إنهم يحتاجون ساعات إضافية إلى يومهم لكي يستطيعوا إنجاز المهام المطلوبة منهم، لكن مع تنظيم الوقت وتحديد الأولويات وتقسيم المهام ستجد وقتًا لممارسة الرياضة وهي فرصة عظيمة للتنفيس عن الضغوطات والاختلاط مع الأصدقاء.

9- يحتاج  الأهل إلى مزيد من المعلومات والاستشارات

هناك العديد من الأماكن التى تقدم التوعية الخاصة والإرشادات اللازمة والدعم لأسر ذوي الاحتياجات الخاصة (بداية من الطبيب النفسي لطفلك، اخصائي التخاطب، اخصائي العلاج الطبيعي، المصادر المختلفة على الانترنت).

فأنت بحاجة إلى معرفة كيفية التعامل مع طفلك وحالته وتطوره، وكيف تقدم لطفلك الدعم النفسي اللازم وكيف تدمجه في المجتمع بطريقة صحيحة.

10- قد يحتاج  الأهل إلى طبيب نفسي لطفلهم

سيندهش العديد من الآباء من ذلك، ولكن علينا أن نغير مفهومنا عن الطبيب النفسي؛ فستحتاج إلى استشارته أثناء رحلة علاجك لطفلك، فسيوجهك ويقدم لك ولطفلك الدعم اللازم، كما أنه سيعالج المشاكل السلوكية التى ستظهر على طفلك حتى لا يتفاقم الموضوع. فعلى سبيل المثال سيخبرك طبيب طفلك طرق تدريبه على التخلص من الحفاض، وفي أي سن يمكنك أن تبدأ ذلك وفقًأ لحالة لطفلك، وماذا يشعر طفلك في تلك المرحلة وكيف تتعامل معه وتطمئنه حتى لا يزداد الوضع سوءًا ويترك أثرًا سلبيا على نفسية الطفل.

وفي النهاية لا تسمح لأي شخص بأن يزعزع ثقة طفلك بنفسه لمجرد اختلافه عن الآخرين بإعاقته.. كن أنت الصاحب والأخ والأب والناصح ليعيش طفلك في عالمك الذي يحتويه..

اقرئي أيضاً : ألعاب أطفال من عمر سنة لسنة ونصف

ليت نظرة المجمتع المتنمرة تراجع نفسها يوما لترى الصورة بشكل أوضح، فلا ذنب لهذا المخلوق ليتحمل التشوهات الفكرية لبعض المتنمرين، فذوي الاحتياجات الخاصة أشخاص عاديون، ما يفرقهم عن الشخص الطبيعي هو إعاقتهم التي منحها الله لهم لتكون منحة وليس محنة، فهنيئا لكل من يحمل قلوبًا نقية صالحة تتعايش مع جميع فئات المجتمع دون النظر لأى أمور أخرى.

 

 

Elham Farag

إلهام فرج.. حاصلة على ليسانس آداب وتربية.. مترجمة وأحب القراءة خاصة فى مجال الطفل وصحة المرأة وجمالها... متزوجة وأم لطفلة
قد يعجبك أيضا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى