” الطلاق الصامت ” .. جسد بلا روح
الطلاق الصامت (الطلاق النفسي) ظلامٌ دامس يكمن داخل كلاً من الزوجين، قلوبٌ عامرة بالسكوت , أجساد بلا روح .
أصبح الطلاق الصامت من أكثر الأشياء انتشاراً فى مجتمعاتنا , سقفٌ واحد يضم علاقة منعدمة النقاش , وفيما يلى سنتناول كل ما يشمله هذا الموضوع من تعريفه وأسبابه وآثاره وكيفية تجنّبه وكيفية علاجه ..
ماهو الطلاق الصامت ؟
هو نهاية غير رسمية للعلاقة الزوجية حيث يظل عقد الزواج سارياً أمام الجميع لكنه زواج “مُنتهى الصلاحية” داخل المنزل .
هو وجود حالة من الجفاف العاطفي والانفصال الوجداني بين الزوجين، يعيش كلٌ منهما وليس له أى علاقة بالآخر .
هو حياة مزيّفة بين الطرفين للحفاظ على الشكل العام أمام المجتمع , وأيضاً من أجل الأولاد فقط .
هو أيضاً حالة نفسية يشعر فيها أحد الزوجين أو كليهما بمشاعر سلبية تجاه الطرف الآخر .
مظاهر ونتائج الطلاق الصامت بين الزوجين :
- تتلاشى كلمات الحب والمودة، أصبح لا وجود للعاطفة فى قاموسهم .
- تتبدل المودة والرحمة بالجفاء والقسوة .
- التزام الزوجين بالصمت الدائم، لا وجود للنقاش بينهم، وإن وُجد يصبح نقاش ذو طاقة سلبية وسلبية فقط .
- فقد الشغف بالآخر , وتحوّل نظرات الحب إلى نظرات لوم وعتاب وألم .
- انعدام الغيرة بين الطرفين .
- ضعف العلاقة الجنسية بين الطرفين .
- انعدام الرغبة الحقيقية فى التواجد معاً .
- الخيانة الزوجية أحياناً.
أسباب تؤدي إلى الطلاق الصامت بين الزوجين :
-
البرود الجنسى والعاطفى :
مئات الأزواج يعيشون حالة من الملل والروتين أثناء العلاقة الجنسية , مجرد واجب وروتين يومى ممل , lما يجبر أحد الطرفين على النفور من هذه العلاقة والتحجج لعدم القيام بها . -
التعنّت والأنانية :
كل منهما يريد كل شيء لنفسه , لا يدركون أن كما لهم حقوق عليهم , مع مرور الزمن تتولَّد ردة فعل عكسية تدعو إلى التمرُّد والنفور كل منها على الآخر . -
تراكم المشاكل وغياب الكلمة الحسنة :
الطبيعىي أن أى علاقة تمر بالكثير من المشاكل , لكن من غير الطبيعى أن يتم تأجيل حلول هذه المشاكل أو عدم الوصول إلى حل من الأساس فى وقتها وتركها .
مشكلة صغيرة فوق أخرى حتى تتكاثر وتنهمر فوق بعضها , وعندئذ من الصعب إزالتها. -
الخرس الزوجي :
كل شخص متمسك برأيه , لا يوجد أى نوع من الحوار بينهم , فالزوج لا يحب أن يسمع المشاكل الى تمر بها زوجته , والمرأة بالتالى تتعمد الصمت لعدم خلق المشاكل , وأيضا الرجل يلتزم الصمت ولا يبوح بما يمر به فى العمل أو الشارع أو الاسرة أو غيره , لأنه يرى أنها لا حق لها فى ذلك , فينعدم الحوار أكثر . -
الاختلاف :
قد يحدث عدم تكيّف أحد الأطراف مع الآخر لاختلاف ثقافته وبيئته أو اختلاف سنّه أو تعليمه .
وأيضاً الاختلاف فى الطموح والهوايات والقناعات , مما يؤدى إلى نور هذا الطرف من الآخر , لعدم وجود أى رابط مشترك بين تفكيرهم. -
الضغوطات المادية والحياتية :
سواء كان بسبب غلاء المعيشة وعدم استطاعة الزوج من سدّ احتياجات الأسرة , أو بسبب الانشغال بتعليم وتربية الأولاد والعمل وغيرهم . -
التقيّد :
أحياناً يشعر طرفما أن مقيد ومسلوب منه حريّته فى تحقيق أحلامه أو غيرها من الأمور التى يتطلع إليها , مما يشعر أن الزواج ماهو إلا ” كلبشات ” تقيّد حريته التى كان يحلم بها قبل الزواج . -
الرهبة من شبح الطلاق :
خوفهم من الطلاق الحقيقى ونظرة المجتمع والناس إلى الرجل المطلق والمرأة المطلقة خاصة إذا كان هناك أولاد , مما يؤدى إلى ميلهم للطلاق الصامت .
تأثير الطلاق الصامت على الأبناء :
- هروب الأطفال من المنزل والتسرب من التعليم والإهمال , مما يؤدى إلى ضياع الأبناء.
- تبلد المشاعر عند الأطفال , فهم يعيشون فى جو غير أُسرى لا يحث على المشاعر الكريمة كالحب والمودة والرحمة .
- عدم وجود القدوة فى المنزل , وبالتالى من الممكن أن يبحث عنها فى البيئة الخارجية وهذا غير مضمون بالمرة , فالاختيار الخاطئ لقدوته قد يؤدى إلى كارثة حقيقة .
- قد يتعرض الأبناء إلى الأمراض النفسية من كثر المشاكل والخلافات بين والديه .
- قد يشعر الأبناء بالسخط على والديه , وتكوين مشاعر عدوانية تجاههم .
- من الممكن أن يكره الأبناء الزواج فيما بعد من كثرة ما رأوه وعايشوه فى حياتهم مع الطلاقى الصامت .
- اضطراب الشخصية والانحراف السلوكى أيضاً .
- يقوم الطفل بعمل مقارنات مستمرة بين أسرته المتفككة والحياة الأسريَّة التي يعيشها باقي الأطفال ما يولد لديه الشعور بالإحباط أو قد يكسبه اتجاها عدوانياً تجاه الجميع وبالأخص أطفال الأسر السليمة.
- اقرئي أيضاً : معركة التربية .. هونوا على أنفسكم
كيفية الوقاية من الطلاق الصامت :
- يجب التعود من بداية الزواج على الصراحة والاتفاق على حل كل المشاكل فى وقتها حتى لا تتراكم .
- معرفة كل طرف حقوقه وواجباته تجاه الطرف الآخر.
- إداراك الطرفين جيداً أن الزواج عملية مشتركة , ولنجاح هذه العملية يجب أن يساعد كل منهما الآخر فى ذلك وعدم الإتكال على الآخر .
- التوفيق فى اختيار شريك الحياة بما يناسب ثقافتك وعمرك وطموحاتك .
- قد يهمّك أيضاً : كيف تستمتعي بالعلاقة الحميمة مع زوجك وتجدديها
كيفية التغلب على الطلاق الصامت وطرق علاجه :
- الاعتراف بوجود مشكلة : هذه أهم خطوة فى العلاج، التحدث والتناقش فى هذه الأمر .
- كونوا أصدقاء : من الضروري أن تكون هناك علاقة صداقة بين الزوجين لكي يتم تكوين علاقة زوجية ناجحة .
- تجنّب الأطفال : يجب أن يتفاهم الزوجان ويتناقشوا فى مشاكلهم بعيداً عن الأطفال , وعدم وضعهم طرف فى المشكلة أو الأخذ بشهادتهم فى مشكلة ما .
- التجديد : التجديد فى المشاعر , فى الشكل , فى الملابس , الخروج , الملل من أهم الأسباب التى تؤدى إلى النفور من الآخر .
- المصارحة : يجب أن يتعلم الزوجان كيفية المصارحة بدواخلهم , التعبير عن مشاعرهم السلبية والإيجابية , عدم الاستسلام للصمت .
- تعلم فنّ الحوار : خيط ضعيف بين النقاش والخناق , يجب أن يعطى كل طرف فرصة الحديث للطرف الآخر , تفريغ شحناته الداخلية من الأمور المهمة فى نجاح أى علاقة , وعلى الطرف الآخر امتصاص هذه الشحنات بصبر وحب .
- عدم تدخّل أطراف خارجية : مشاكلكم تخصّكم وحدكم , ناقشوها بخصوصية , تدخل الآخرين يبنى جدراناً كثيرة فى علاقتكم سوياً .
- التصالح مع النفس ومع الغير : كل شخص يدرك عيوبه ومميزات , وأيضاً عيوب ومميزات شريك حياته , الكمال لله وحده , الرضا من أهم أسباب نجاح العلاقات .
- عدم الالتفات لنظرة المجتمع والناس : وعدم الخوف من أى مسميات اخترعها البشر .
- المزيد من الخيال فى العلاقة الجنسية : محاولة التجديد وكسر الروتين وتجنب ما يكرهه الطرف الآخر والوصول إلى نقاط مشتركة .
- المرونة والصبر : هناك أشياء بسيطة يمكن عدم التوقف عندها و جعل منها أشياء كبيرة , التحلى بالمرونة والبساطة والمرح ضرورى فى العلاقة الزوجية .
- الحصول على المساعدة من خبراء العلاقات الزوجية .
- الطلاق الحقيقى باحترام أهون كثيراً من الطلاق الصامت سواء كان على الأبناء أو على الزوجين معاً .
- اقرئي أيضاً : روشتة السعادة الزوجية
فى النهاية ..
البيت ليس جدراناً ، بل جسدٌ وروح ، الجسد هو الرجل كناية عن العمل وتأمين مستلزمات الحياة , والروح هي المرأة كناية عن العطف والدفء والحنان , تفاعل الروح مع الجسد هو ما يدُبُّ الحياة فيه , ويجعل الزواج مستمراً وناجحاً .